الخبر ببساطة كان التحفظ على طالبة بالأزهر رفعت شعار رابعة في صورة تذكارية مع الإعلامية ريهام سعيد، وذلك بموقع “اليوم السابع”، يبدو أن الأصابع صارت تلعب دورا كبيرا في حياة الإعلام المصري الحديث، وصارت أصابع اليد الخمسة عالما كاملا من الدلالات.
لم تعد لغة الإشارة لدينا خاصة فقط بالصم والبكم، لكنها اتسعت لتشمل كافة طبقات وأنوع وطوائف المجتمع، واستخدمنا الخمسة أصابع بتنويعات مبتكرة لتعبر عن الحال والأحوال، فأصبع الإبهام المرتفع وحيدا، يدل على الإشادة والتشجيع، بينما الأصبع الأوسط منفردا، هو إشارة قبيحة مرذولة الدلالة، وإذا اجتمع الأوسط بالسبابة، كانت علامة النصر، أما إذا التقي السبابة بالإبهام في شكل دائرة، وبقي الثلاثة منفردين، كان التهديد والوعيد، والأصابع الأربعة دون الإبهام، كانت علامة تستوجب الضبط والاحضار.. صحيح أنها إشارات عالمية اتفق عليها العالم الحديث، لكن الأكثر حدة وإثارة هو تتبع الكاميرا لصورة تذكارية تجمع إعلامية بمجموعة بنات جامعيات، واصطياد أصابع الفتاة الأربعة، ثم النزول بحثا عن صاحبة الأصابع للتحفظ عليها!
الصورة هنا صارت دليلا دامغا، وصار من حق ملتقطها أن يفرد أصبعه السبابة، متهما ومحاكما، وربما قاضيا أيضا دون تأويل أنها أصابعنا تتحكم فينا.
حتى التعبير عن المؤمرات والأجندات والتلميح بالخيانة، اتخذ له الإعلام تعبير: “هناك أصابع خفيه تعبث في الوطن”!
الكاميرا التي تتصيد للناس حركة أصابعها، هي كاميرا لمجتمع في حجم عقلة الأصبع، ذلك المخلوق الخرافي الصغير الذي صنع العجائب في قصته الخيالية.. الأصابع تحيط بنا جميعا.. أصابع الاتهام وأصابع الكفتة التي تشفي الأمراض، والأصبع الذي نضعه في عين التخين حينما نعبر عن نظافة ساحتنا، والدنيا التي ألفها على أصبعي، في تعبير عن الشطارة والفهلوة، والأصبع الذي يكون تحت ضرس الخصم في المثل الذي يشير إلى أن الشخص لا يملك أمام عدوه حيلة، وربما لا يكون الحل الأنجع في قطع الصوبع الذي يوجعني، فلعله يكون السبابه، فبماذا اتهم بعده؟
الأصابع تحرك كل شيء، وتصبح ظلالها على الحوائط – حينما يشح الضوء- كبيرة، فتتحول إلى أشباح وهواجس ومنطق عام.. صحيح أن أصابعنا ليست مثل بعضها – كما يقول المثل الدال على الاختلاف والتميز- لكنها صارت الآن مثل بعضها ترهب وتخوّف وتدين أيضا، لتضع يدك في جيب البنطلون وتمشي طربا كما أوصي صلاح جاهين حتى لا تخرج من يدك أصابع تكون سببا في كارثة دون قصد منك أو وعي، فبعد أن كنا بلد شهادات.. صرنا بلد صوابع بصحيح، ومن المعروف أن الأصبع بالقاهرية يسمى صباع، لكن باللغة السكندرية يسمى صوبع، ولا ننسى أن نحذر الجميع كما أوصانا الإعلام من الصوبع المرتعش.. ودمتم.