اغضبى يا دنيا ويا الغاضبين الدم ع الأرض رمز العاشقين
يا زهرها يا نهرها يا نجوم مساها وفجرها
يا ريح يا زرع يا ليل يا نور دم الشهيد راجع يهد السور
ويحرر المساجين
من البيوت ومن المزارع والكنايس والجوامع والشراقي والسواقي
والمدارس والمصانع من الشمال ومن اليمين
صوت الشهيد مسموع قلب البلد موجوع
لم اكن وحدي التي تنتظر ميعاد الألبوم الجديد، ويحفظ الأغانى مثل حفظه لاسمه، بل كل أبناء جيلى، أما الجيل الحالي الذي أكمل الأسطورة وصنع أولتراس محمد منير، فالتقيت العديد منهم أثناء الثورة وقبلها أثناء محاولاتنا المستميتة لحضور حفلاتك.
اذكر عندما كنت في الرابعة، وأخذني أبى لأحضر مسرحية “الملك هو الملك”.. طبعا حفظت عن ظهر قلب حكاية “سلطان الشوم” اللي سرق الفيوم، والناس المجاريح من عكس الريح – انتفضوا من ظلمه- ومنعت المسرحية، ثم اعيد عرضها بعد سنين، لاحضره ثانية مع أسرتي، وكنت فى السادسة عشر.. احفظ كلماتها عن ظهر قلب، وأرددها مع الممثلين، واتدكر جيدا صوت القاعة وهو يهدر مع:
يا مصر أنتي الحبيبة
وأنتي اغترابي وشقايا
وأنتي الجراح الرهيبة
وأنتي اللي عندك دوايا
حدوتة مصرية:
مين اللي ظالم فينا مين مظلوم
مين اللي ما يعرفش غير كلمة نعم
مين اللي محني لك خضار.. الفلاحين الغلابة
مين اللي محني لك عمار.. عمالك الطيابة
مين اللي بيبع الضمير ويشتري بيه الدمار
مين هو صاحب المسألة
والمشكلة والحكاية والقلم
رأيت كل شىء وتعبت على الحقيقة
قابلت في الطريق عيون كتير بريئة
اعرف بشر.. عرفوني؟ لأ ماعرفونيش
قبلوني وقبلتهم
بمد إيدى لك.. طب ليه ماتجبلنيش
لا يهمنــــــى اسمك.. لا يهمني عنوانك
لا يهمني لونك ولا ميلادك.. مكانك
يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان
يا ناس يا ناس يا مكبوتة.. هي دي الحدوتة
حدوتة مصرية
كلنا نحفظ هده الكلمات عن ظهر قلب.. أنا – شخصيا- كنت اشارك رفقتي في الميدان اثناء الـ 18 يوم – أول أيام الثورة- الغناء، وترديد هذه الكلمات، بكل ما أوتيت من صوت وقلب.. تارة نطوف الميدان كي نيقظ النائمين على الأرض الباردة، ليصدوا معنا هجمات الأمن والبلطجيه، وتارة كي نشحذ طاقاتنا، وأملنا الممتزج – أحيانا كثيرة- بالدموع. .
“في كل حي ولد عترة وصبية حنان”.. كنت مرارا هذه الصبية، وكذلك هي سناء ويارا وست البنات وهند ويا سمين وسارة وشيماء، أما نوبي وعلاء وياسين ومينا دانيال وعم صلاح ودومة.. هؤلاء مازالوا الولد العترة الذي يطير عقله من الحب.
حتى قضبان الزنازين وبرودة ثلاجة مشرحة زينهم، لم تمنعهم لحظة من الحلم.
كنت دائما تغنى عن مصر والحب والثورة والانكسار والأمل.. اعلم جيدا أنك لم تطرح نفسك للعالم، إلا كفنان، ولكننا كنا نعلم – أو نعتقد بأنك مناضل- ربما حملناك مسئوليه أكبر منك، لكن من منا لم يشعر بالإحباط عندما لم تكن في صفوف المتظاهرين، ربما هي فقط رغبتنا التي اعتقدنا أيضا أنها لزاما عليك.
لم الومك عندما التزمت الصمت التام في كل الأوقات.. الأوقات التي كنا نظن أنك تغنى من أجلها، أو بالأحرى تناديها، وتتمناها، فمن منا لم يهتف: طفي النور يا بهية.. كل العسكر حرامية.
على العموم.. اليوم، واليوم تحديدا، نعتذر منك، لأننا حملناك فوق احتمالك، وقدرا غير قدرك، وأنت الفنان الفقير إلى الله، الذى يعيش من أجل الغناء، والغناء فقط، ولكن أيضا اعذرنا، عندما نشعر بالخيانة والغضب، وأنت تغني “الليلة يا سمرة” وتهتف باسم مصر، بينما أناس من أمثال أحمد موسى، والعديد ممن يحملون بين طيات ملابسهم دماء شيماء الصباغ، يتوادون في الصفوف الأولى، يصفقون ويتمايلون.
اعذرنا، فمازال رفاقي في السجون والمعتقلات، يرددون كلاما أغانيك.. اعذرنى لأنى مازلت ابكي كلما مرت بذاكرتي كلمات:
حبيبتي يا حبيبتي يا حبيبتي
غصب عني مش بخاطري
ياللي ساكنة في خواطري
في دمايا اللي في عروقي
في غروبي وفي شروقي
وانا بحلم وانا بجري
غصب عني
إحنا آسفين يا منير.. ليتك التزمت الصمت، وفي النهاية دعني استعين بكلمات أغنيتك:
تمشي ورا السبع تفضل سبع وتموت سبع
تمشي ورا الضبع.. لأ.. ده الضبع سيء طبع
كلام قالوه الجدود.. وهنقولوه بالطبع.