اليوم : الثلاثاء 17 نوفمبر 2015

فلندرك معا مدى أهمية الإقتناع بمبدأ كلما مرت البلاد بأحداث، وخصوصا ما يعقُب تلك الأحداث من ردود أفعال و مفاجئات, ادركت قيمته أكثر وهو: عدم استقبال أي رأي أو حتى معتقد بدافع الهجوم من أجل الهجوم فقط.. أي من أجل “أي اختلاف والسلام”, وأيضا مع الحرص الشديد على تنقية الأفكار من سياسة “التقليل من شأن أي أمر قد يتعارض مع فكرنا”، والتي دوماً ما تصيب العقول. كلما تعرضنا لتساؤلات صادمة ننقسم إلى ثلاث جبهات: الأولى قد ترفض التفكير في الإجابة عن مثل هذه التساؤلات من الأساس خوفا من أن تنحرف عما اعتادت عليه من معتقدات, الثانية تكون تلك التساؤلات بالنسبة لها بمثابة دافعا للبحث والتفكير كي تستخلص الإجابة المراد الوصول إليها, أما الجبهة الأخيرة فيمثلها مجموعة ترفض السماع للتساؤلات أو تسمعها لكن دون أن تبالي على الإطلاق وهذه الحالة تعتبر انفصال العقل عن الإرادة وفقا لوصف الفيلسوف الفرنسي -“ابو الفلاسفة”- (رينيه ديكارت) والذي وصف أيضا اللامبالاة بأنها أدنى مستويات الحرية واطلق على ذلك الوضع “حرية اللامبالاة”.

(1)

فلنبدأ من خلال طرح سؤال معُمم ربما يثير أسئلة أخرى أكثر دقة وهو: لماذا تقتحم المؤسسة العسكرية مهام مؤسسات الدولة المدنية، أي لماذا تتقاعس كلٍ من مؤسسات الدولة المدنية عن القيام بالمهام المُسندة إليها لتقوم بها المؤسسة العسكرية بدلا منها؟
نستيقظ يوم الأحد الموافق 4 نوفمبر على غرق مدينة الإسكندرية! نعم.. غرق مدينة بكل ما تعنيه الكلمة من مشاهد كارثية قد حدثت بالفعل من حالات وفيات وغرق منازل وغيرهما من مَآسٍ أخرى, وإذ باستغاثات أهالي الإسكندرية تنهمر من خلال الصور ومقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وبرامج التوك شو, فيستقيل محافظ الإسكندرية الذي عجز هو و مساعديه عن السيطرة على الموقف المأسوي. وهنا يأتي دور الجيش البطولي في حل الأزمة، حيث كلف الرئيس السيسي “مياه الجيش” -إدارة المياه التابعة للقوات المسلحة-  بوضع خطة عاجلة لرفع كفاءة شبكات الصرف الصحي بمحافظة الإسكندرية, هل من الطبيعي أن نلجأ للمؤسسة العسكرية في حل هذه الأزمة؟ هل من الطبيعي أنه في وسط أزمة غلاء أسعار اللحوم -أيام عيد الأضحى- يكون الجيش أول من يتصدى لتلك الأزمة من خلال توزيع اللحوم بأزهد الأسعار؟ (من المفترض أن يُتخذ مثل هذا الموقف من قِبل وزارة التموين), هل من الطبيعي أن 40% من إنتاج وزارة الإنتاج الحربي يذهب للسوق المدنية؟ هل من الطبيعي أن يذهب 70% من إنتاج الهيئة العربية للتصنيع للسوق المدنية؟ اصبحت شركات ومصانع القوات المسلحة أبرز محتكر للاقتصاد المصري في كافة المجالات، مما يُشكل منافسة غير عادلة بينها وبين المصانع والشركات المدنية، مما يُنذر بتوقف المزيد منها.

(2)

موقف الإعلام تجاه هذا الوضع:

بدلا من أن يكثف الإعلاميين -خاصةً مقدمي برامج التوك شو محتلي الشاشات ليلا ونهارا- جهودهم في نقد أي موقف مخز من قِبل الحكومة تجاه أزمة معينة أو في كشف فساد ما بداخل الحكومة, يركز في الاحتفاء بما انجزته المؤسسة العسكرية في مجالات هي أبعد ما يكون عن اختصاصاتها (مما يساعد في تحويل الأنظار عن التحقيق في تخاذل الكثير من المسؤولين الحكوميين عن القيام بمهامهم)، وفي الحقيقة أننا قد عاصرنا موقفا مماثلا لذلك الوضع، وهو الدور الذي لعبه الإعلام أثناء إفتتاح قناة السويس; دشن الإعلام المصري حملة دعائية قبل افتتاح القناة واستمرت بعد ذلك قليلا، ثم التزم الصمت نوعا ما.

أثناء الحملة الدعائية المشار إليها, كانت السياسة المتبعة من قِبل الإعلاميين هي التمجيد ثم التمجيد ثم التهليل مع إغفال واضح عن عرض أي دراسات او أرقام بخصوص “مشروع اقتصادي ضخم” واعتمد الإعلام ايضا على تقديم العديد من الوعود للمصريين بأن ذلك المشروع  سيحقق الرخاء الاقتصادي غير المسبوق بالرغم من أن ذلك يتعارض مع الوضع الاقتصادي الراهن وإيرادات القناة الحالية.
نبحث عن دولة القانون, دولة العدل التي لن تُحقَق إلا بتطبيق القانون على كافة مؤسسات الدولة كي تقوم كل مؤسسة بدورها الخاص بها وذلك كي نتجنب فضائح فساد حكومية مثل واقعة وزير الزراعة وكي نتجنب أيضا التعرض لمسرحية هزلية مثل “جهاز الكفتة”.

تعليقات الموقع

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك