اليوم : الثلاثاء 21 يوليو 2015

في آخر كم سنة من الدراسة الثانوية، اندمجت في الفن السيريالي.. كنت موهوما ببعض رواد الحركة من أمثال سلفادور دالي ورينيه ماغريت، لأني كنت صُغَيَر اعتقدت أني وجدت كنزا لا يفنى وأن الناس دي أكتر ناس مبدعة في تاريخ البشرية. طبعا زي أي اعتقاد الواحد بيقتنع به.. بعد شوية بيكتشف أنه غلط، وأن سبب اقتناعه به، إنه مكانش فاهم حاجة مش أكتر. وده بالظبط اللي حصل لرأيي في إخواننا السيرياليين.. اكتشفت إنهم ولا إخوان ولا سيرياليين.

 

إزاي اكتشفت الموضوع دة؟ سهلة.. بمجرد متابعة مواقع الأخبار لمدة دقائق معدودة، لقيت إن أنا في أي ساعة من أي يوم باتكعبل في أخبار عن مصر، أغرب بكتير من كل الأفكار اللي سلفادور دالي فكر فيها في حياته كلها.

يعني مثلا ناخد خبرين تلاتة من يومين: “فزع بمدينة نصر لهروب قرود من مستشفى بيطري”.. “طالبة بالثانوي في مطروح تحول غاز الميثان إلى ماس”، وطبعاً الخبر اللي جاب من الآخر كان عن فرح في المنوفية. العريس والعروسة –بسخرية- رقصوا على نشيد “صليل الصوارم”، وهما جوا قفص وحواليهم المعازيم ملثمين ورافعين سيوف.

 

لما اتكلمت مع صديق عن الموضوع ده، قاللي إن الأخبار دي كلها غريبة أوي، ولكن مش سيريالية!

جدير بالذكر أن صديقي ده من الملحدين المتأمرين على مصر، ومش عايزها تكسب في أي حاجة. فاتحديته كأي مصري أصيل وقلت له يختار أي لوحة لدالي، وأنا هاجيب له خبر من مصر أغرب منها.

وافق وجابلي صورة لوحة لفيل رجله طويلة ورفيعة.. وبكل ثقة، طَلَعت تليفوني، وبحثت عن الكلمات الآتية: “فيل مصر سبحان الله”.. أول حاجة طلعت لي خبر عنوانه: “أرنب ينجب فيلا صغيرا بالجيزة”!

 

بعدما أفحمته بالسرعة دي، اقتنع وبدأنا نتكلم عن السيريالية اللي بنواجهها في حياتنا اليومية.

بعد شوية وصلنا لاستنتاج ربما يجده البعض مخيفا، لكن أنا بعد حواري مع صديقي الملحد وجدته مضحكا جدا. الاستنتاج له علاقة بنظرية أن العالم سينتهي على يد الأحياء الأموات – أو كما يعرفهم البعض بـ”الزومبيز”.

لو النظرية دي طلعت حقيقية، فإحنا كمصريين وضعِنا حرج وخطير جداً. ليه؟ لأن ببساطة لو سيناريو الزومبيز اتحقق، فالناس اللي عايشة في بلاد تانية هيكتشفوا على طول إن فيه حاجة غلط. أما إحنا فغالبا مش هناخد بالنا لفترة طويلة من كُتر ما أحنا متعودين على نمط حياة الزومبي.

 

لو مش مقتنع بكلامي، انزل امشي في الشارع أو روح مشوار بعربيتك وتأمل تصرفات الناس حواليك.. هل أنت متأكد أن هما مش زومبيز؟ هل أنت متأكد أنك أنت نفسك مش زومبي؟ أسئلة وجودية تطرح نفسها.. نص الكوباية المليان للموضوع ده، إن لو دي بداية “نهاية العالم”، فإحنا كمصريين اكتسبنا خبرة في السنين الأخيرة، وهنقدر نتعامل في المواقف الصعبة وتحت أي ضغوط. في حين الأجانب مش هيعرفوا يتعاملوا نهائيا، وساعتها دولهم هتسقط وهنبقى أحنا أسياد العالم مرة أخرى.

 

المقال ده موجه خصيصا للمصريين اللي عندهم عُقدة الخواجة، ولحد النهاردة موهومين بالفن السيريالي الأوروبي، بالرغم إن إحنا حاليا عايشين في سيريالية تتخطى خيال البشر. رواد الحركة نفسهم لو كانوا عايشين النهاردة، كانوا رفعوا لنا القبعة وقعدوا في البيت. أو لو كانوا عايشين في مكان سيريالي زينا، فربما كانوا أخدوا بكلام رئيس دولتهم لحل البطالة واشترك دالي وماغريت مع الشاعر إدوارد ݘيمس، وجابوا عربية خضار يشتغلوا عليها.

 

يا ريت يا مصريين تفوقوا. بدل ما تمدحوا في فن سيريالي من الماضي، استمتعوا بالواقع الـ”أبوكاليبتي” اللي أنتم عايشينه.. يا ريت تحاولوا تشوفوا الجمال اللي حواليكم.. واستقيموا يرحمكم الله.

 

#تحيا_ماسر

تعليقات الموقع

تصويت

اختر افضل مسلسل شاهدته في رمضان ٢٠١٥

View Results

Loading ... Loading ...

أحدث الأخبار

الأكثر مشاهدة

الأكثر تعليقا

النشرة البريدية

تابعنا على فايسبوك

اعلان